الكوميديا العربية الهابطة- تقليد أعمى وتهريج مُـبتذل

المؤلف: خالد السليمان08.06.2025
الكوميديا العربية الهابطة- تقليد أعمى وتهريج مُـبتذل

لم تنجُ أيٌّ من عروض "ستاند-أب" الكوميدية في منطقتنا من سهام النقد اللاذعة، فالنّسخة العربية التي اقتبسها بعض فنّانينا المحليّين لم تبتعد كثيرًا عن النّسخة الغربية الأصيلة، تلك التي تقوم في جوهرها على استخدام الألفاظ الجارحة والفاحشة، وعلى التّمييز العنصري والتّلميحات الجنسية الصّارخة!

كنتُ أتمنّى بشدّة أن يُظهر فنّانونا إبداعًا حقيقيًّا، وأن يبتكروا هويّةً خاصّةً بهم، تتناغم مع طبيعة مجتمعنا العربيّ المسلم المُحافظ، ولكنّهم، ويا للأسف، يظهرون مقلّدين أكثر منهم مبدعين، وهذا يتّسق مع ميلنا للتّأثر بالغرب وتقليده في كلّ مناحي الحياة تقريبًا!

لا أدري لماذا يتبنّى بعض الفنّانين الكوميديين العرب، ومن بينهم السعوديون، قناعةً مفادها أنّ التّهريج هو الوجه المُشرق الآخر للكوميديا، أو أنّهم لا يُراعون عند تقديم أعمالهم طبيعة الجمهور المُستهدف، ومكان العرض، وتوقيته المناسب، فما يصلح للعرض في مسرح صغير مُغلق، يحضره البالغون فقط، لا يُمكن أن يكون مناسبًا لجمهور عائليّ واسع، يجتمع في مسرحٍ كبير في جامعة، أو حتّى في سوق مفتوح!

في بعض العروض التي شارك فيها فنانون أجانب في مدينتي الرياض أو جدة، كان من اللافت للنظر أن بعض الحاضرين يعانون من ضعفٍ شديد في فهم اللغة الإنجليزية، فضلًا عن عدم إلمامهم بالخلفية الثقافية للكثير من النّكات التي يعتمد فهمها على معرفة تاريخ، وأنماط حياة، وعادات المجتمعات التي أتى منها الفنّان، هذا بالإضافة إلى عدم الإلمام بالمصطلحات العامّية الرائجة، ومع ذلك، تجد البعض يقهقه بصوتٍ عالٍ حتّى يكاد رأسه ينفصل عن جسده، دون أن يفهم كلمةً واحدةً ممّا قيل!

الخلاصة، إنّ التّهريج ليس كوميديا راقية، وقلّة الأدب ليست فنًّا بأيّ حال من الأحوال، فمقاطع قصيرة من أفلام نجيب الريحاني قادرة على أن تعلّم فنّانينا كيف يُمكن إضحاك الجمهور، دون الحاجة إلى ارتداء أزياء المُهرّج المُبتذلة، أو تقمّص شخصيّة المنحلّ أخلاقيًّا!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة